تم نشره في August 8, 2024
المقدمة:
تتسم المجتمعات الحديثة، بما فيها المجتمع السعودي، بتقديرها العميق لحقوق الأفراد وكرامتهم، ويُعد الحفاظ على السمعة الشخصية جزءًا أساسيًا من هذه الحقوق. في المملكة العربية السعودية، تُعتبر جريمة التشهير من القضايا البالغة الأهمية نظرًا لتأثيرها السلبي العميق على الأفراد والمجتمع. تأتي التشريعات السعودية متماشية مع تعاليم الشريعة الإسلامية التي تحرص على حماية كرامة الإنسان وصون سمعته من أي اعتداء أو إساءة.
في القانون السعودي، يُعرف التشهير بأنه كل فعل ينطوي على نشر معلومات أو أخبار أو إشاعات كاذبة أو مضللة تهدف إلى إلحاق الضرر بسمعة أو كرامة أو مكانة شخص معين أو مجموعة من الأشخاص. يتجسد التشهير في عدة أشكال، منها النشر عبر وسائل الإعلام التقليدية أو الإلكترونية، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
في المملكة العربية السعودية، يتباين نطاق قضايا التشهير حسب الأساليب والأنواع، وأكثرها شيوعًا وأهمية تشمل:
استخدام وسائل الإعلام أو الإنترنت لنشر معلومات شخصية حساسة تهدف إلى تشويه سمعة الأفراد أو ابتزازهم للحصول على مكاسب معينة.
إنشاء ونشر محتوى مرئي مزيف أو محرف عن الأشخاص لإلحاق الضرر بسمعتهم أو الإضرار بعلاقاتهم الشخصية والمهنية.
تسجيل محادثات شخصية دون موافقة الطرف الآخر واستخدام هذه التسجيلات كأداة للابتزاز أو الإساءة إلى الشخص المستهدف.
اختلاق ونشر أخبار كاذبة عن الأشخاص بنية الانتقام منهم، مما يؤدي إلى تشويه سمعتهم وإلحاق الأذى النفسي والمعنوي بهم.
نشر تعليقات تهكمية أو سلبية تفتقر إلى الموضوعية عن الأفراد عبر وسائل الإعلام أو الإنترنت، مما يؤدي إلى إلحاق ضرر بسمعتهم وشخصيتهم.
نشر تغريدات أو منشورات تهدف إلى تشويه سمعة الحكومة أو مسؤولين حكوميين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يؤثر سلبًا على مكانتهم العامة.
نشر معلومات أو شائعات تسعى إلى تقليل من قيمة أو مكانة الموظفين في مؤسساتهم، سواء كانوا في القطاع الحكومي أو الخاص، بقصد تشويه سمعتهم المهنية والاجتماعية.
تعتبر جريمة التشهير في القانون السعودي من الجرائم الخطيرة التي تُعنى بحماية سمعة الأفراد وكرامتهم. ولكي يُعاقب الفاعل على جريمة التشهير، لا بد من توافر الأركان الأساسية المتمثلة في الركن المادي والركن المعنوي، على النحو التالي:
يتألف الركن المادي من ثلاثة عناصر: الفعل، النتيجة، والرابطة السببية بين الفعل والنتيجة.
يتجسد الفعل في نشر معلومات أو بيانات أو أسرار تتعلق بشخص معين، بهدف الإساءة إلى سمعته والإضرار به نفسيًا ومعنويًا وماديًا. يتم ذلك عبر وسائل مختلفة مثل الإعلام التقليدي، أو الإنترنت، أو وسائل التواصل الاجتماعي.
تتجلى النتيجة في حدوث أضرار للمجني عليه نتيجة هذا الفعل. إذا لم يعلم الشخص المستهدف بعملية التشهير، أو لم تصل إليه المعلومات المسيئة، فإن النتيجة الجرمية لا تتحقق وبالتالي يسقط الركن المادي للجريمة، مما يؤدي إلى عدم تحقق العقاب.
ينبغي أن تكون النتيجة الجرمية، وهي الضرر الواقع على المجني عليه، ناتجة بشكل مباشر عن فعل التشهير. إذا كانت الأضرار ناتجة عن أسباب أو ظروف أخرى غير فعل التشهير، فإن الرابطة السببية تنتفي، وبالتالي لا يمكن اعتبار الفعل جريمة تشهير.
يجب أن يكون الشخص الذي يقوم بفعل التشهير على علم بأن ما يقوم به يُعد جريمة أو فعلًا يعاقب عليه القانون. بمعنى آخر، أن يكون الفاعل مدركًا للأثر القانوني والضرر الناتج عن فعله ومع ذلك يمضي قدمًا فيه.
يعني أن الفاعل كان يقصد بشكل واضح إلحاق الضرر بالمجني عليه. فالنية الجرمية تكون واضحة عندما يتعمد الشخص نشر العيوب أو المثالب عن الآخر بقصد الإضرار به، على عكس من يقوم بتقديم نصح صادق لأحد الأصدقاء أو الأقارب بخصوص شخص معين.
إن رفع قضية التشهير يتطلب تحقيق مجموعة من الشروط التي تضمن جدية الدعوى وصحتها قانونياً. هذه الشروط تتضمن الشروط العامة المعتادة في معظم القضايا بالإضافة إلى شروط خاصة تتعلق بطبيعة التشهير. وفيما يلي تفصيل لهذه الشروط:
يجب أن يكون المدعي هو الشخص الذي وقع عليه فعل التشهير أو وكيله القانوني. في حالة كان المدعي قاصرًا أو مجنونًا، يقوم وليه أو النائب القانوني برفع الدعوى نيابة عنه.
يجب أن تتوفر مصلحة مشروعة للمدعي في رفع الدعوى، بمعنى أن التشهير يجب أن يكون قد ألحق ضررًا بالمجني عليه. إذا لم تكن هناك مصلحة حقيقية وملموسة، كأن يكون التشهير معروفًا على نطاق واسع ولم يؤثر فعليًا على المجني عليه، يمكن دحض الدعوى.
يجب أن يكون المدعي بالغًا راشدًا. إذا لم يكن كذلك، يقوم وليه أو وصيه القانوني برفع الدعوى نيابة عنه.
يجب على المدعي جمع الأدلة التي تثبت وقوع التشهير. إذا كان التشهير قد حدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو أي وسيلة إلكترونية أخرى، يتوجب على المدعي الاحتفاظ بنسخة من الرسالة أو المنشور لتقديمها كدليل أمام القضاء.
في حال وقوع التشهير بشكل شفهي بين الناس، يجب على المدعي إحضار شهود للإدلاء بشهادتهم حول الحادثة لتقديمها كدليل.
وفقًا للقانون السعودي، تتضمن عقوبة التشهير الآتي:
وفقا لعقوبة جريمة التشهير في النظام السعودي، وهي السجن لمدة سنة والغرامة بما لا يجاوز 500,000 ريال سعودي، أو بإحدى هاتين العقوبتين، فإن جريمة تشهير هي من جرائم الجنح.
يمكن أن تتجاوز الغرامة في جرائم التشهير مبلغ 500,000 ريال سعودي إذا نتجت عن جريمة التشهير جرائم أخرى أو إذا كانت هناك ظروف مشددة تؤدي إلى زيادة العقوبة. فعلى سبيل المثال، إذا أدت جريمة التشهير إلى أضرار جسيمة أو تبعتها جرائم إضافية مثل الابتزاز أو إساءة استخدام السلطة، فقد يتم فرض عقوبات أشد بما في ذلك غرامات أعلى. هذا يعتمد على تقدير المحكمة والظروف المحيطة بالقضية.
يكون التشهير جريمة إذا ما توافرت الأركان اللازمة له سواء المادية أو المعنوية، بحيث يتم نشر أخبار تتعلق بالمجني عليه، تؤدي إلى إلحاق الضرر به مادياً ومعنوياً، بحيث يتداولها جمع كبير من الناس، ويتم اشتهارها في الأوساط الاجتماعية.
شورى هي منصة إلكترونية تعنى بتقديم الاستشارات والخدمات القانونية من خلال ربط نخبة من المحامين المرخصين من وزارة العدل السعودية مع طالبي الخدمات القانونية، وهي منصه مرخصه بموجب سجل تجاري رقم 4650222665
مقالات اخرى
March 21, 2025
محاكم الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعوديةمحاكم الأحوال الشخصية هي محاكم متخصصة تنظر في القضايا المتعلقة بالأسرة والشؤون الشخصية، مثل الزواج، والطلاق، والنفقة، والحضانة، والوصاية، والميراث، وغيرها من المسائل التي تنظمها قوانين الأحوال الشخصية في كل دولة.
قراءة المقال
March 20, 2025
قضية العَضْل في السعودية: حق المرأة في الزواج وإجراءات التقاضيتعد قضايا العضل من القضايا الشرعية والاجتماعية المهمة والمتواجدة في كل مجتمع، ودائماً ما تتمحور حول منع المرأة من الزواج بالكفء الذي ترغب به دون سبب شرعي مقبول. وبلا شك أنه يُعدّ هذا التصرف ظلمًا للمرأة، وقد نهى عنه الإسلام بشكل قاطع.
قراءة المقال
March 16, 2025
ما المقصود بأسانيد الطلبات والتي تظهر في صحيفة الدعوى عبر منصة ناجز؟يشير مصطلح أسانيد الطلبات إلى الأساس القانوني والنظامي التي يستند إليها المدعي في طلباته المقدمة إلى المحكمة. فقد تكون على سبيل المثال لا الحصر : الأدلة الشرعية والقانونية، فيمكن أن تشمل الآيات القرآنية، الأحاديث النبوية، أو القواعد الفقهية إذا كان النزاع ذو طابع شرعي. و في القضايا ذو الطابع النظامي، يتم الاستناد إلى نصوص الأنظمة السعودية ذات العلاقة (مثل نظام المرافعات الشرعية، ونظام التنفيذ، ونظام العمل، وغيرها من الأنظمة).
قراءة المقال