تم نشره في August 11, 2024
تُعد جريمة انتحال الشخصية من الجرائم الحديثة والمعقدة التي تطورت مع تقدم التكنولوجيا وازدياد الاعتماد على الوسائل الرقمية في تسيير المعاملات اليومية. في ظل هذا التطور، أصبح انتحال الشخصية ليس مجرد خرق للخصوصية فحسب، بل جريمة تهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي للأفراد والمجتمعات على حدٍ سواء. في المملكة العربية السعودية، لم يغفل المشرع عن خطورة هذه الجريمة، فسنّ تشريعات وقوانين صارمة تهدف إلى حماية حقوق الأفراد والحفاظ على الأمن العام.
في القانون السعودي، لا يوجد تعريف محدد ومنفصل لجريمة انتحال الشخصية بشكل مستقل كما هو الحال في بعض القوانين الأخرى. ولكن يمكن فهم انتحال الشخصية بأنه قيام شخص ما بتقليد أو تمثيل هوية شخص آخر دون إذن أو حق، سواء كان ذلك من خلال استخدام اسمه أو معلوماته الشخصية أو أي تفاصيل أخرى متعلقة به، بقصد الخداع أو تحقيق منفعة غير مشروعة.
يتعامل القانون السعودي مع انتحال الشخصية من خلال عدة نصوص قانونية موزعة بين النظام الجزائي لجرائم التزوير، ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، إذ تعتبر هذه الجريمة جنائية يعاقب عليها القانون بشدة نظراً لما تسببه من أضرار للفرد والمجتمع.
جريمة انتحال الشخصية تتميز بعدة خصائص تبرز خطورتها وتعقيدها، وهي كالتالي:
تعتبر جريمة انتحال الشخصية من الجرائم التي تتطلب مستوى عاليًا من الذكاء والتخطيط. يتطلب تنفيذها القدرة على التفكير المعقد والتفصيل، مما يجعلها صعبة التحقيق على الأشخاص الذين يعانون من محدودية في القدرات الذهنية. الجاني في هذه الجريمة غالباً ما يكون على دراية واسعة بالهوية التي يرغب في انتحالها ويمتلك القدرة على التصرف بما يتوافق مع تلك الهوية بشكل مقنع.
تُعد جريمة انتحال الشخصية من الجرائم المتطورة التي يمكن تنفيذها بطرق وأساليب متعددة. لا يمكن حصر طرق التنفيذ، حيث يتم تطوير أساليب جديدة باستمرار مع تقدم التكنولوجيا. هذا التنوع في الأساليب يجعل من الصعب اكتشاف الجريمة في بعض الأحيان، ويعطي للجاني حرية اختيار الأسلوب الأنسب لتحقيق هدفه.
غالباً ما يكون الهدف من جريمة انتحال الشخصية هو تحقيق مكاسب مالية أو الحصول على امتيازات أمنية. يسعى الجاني من خلال انتحال الهوية إلى الوصول إلى موارد مالية أو استغلال الصفات الأمنية للضحية، مثل الوصول إلى معلومات حساسة، أو الاستفادة من مكانة معينة، أو الهروب من المسؤولية القانونية.
هذه الخصائص تجعل جريمة انتحال الشخصية من الجرائم الخطيرة التي تستلزم اهتماماً خاصاً من الجهات المعنية للحد من انتشارها ومكافحتها.
تُعتبر جريمة انتحال الشخصية من الجرائم التي يصعب كشفها وتتبع مرتكبيها. يعتمد الجاني على إخفاء هويته الحقيقية وتجنب ترك أي دليل يمكن أن يُستخدم ضده. في كثير من الحالات، قد لا يتم اكتشاف الجريمة إلا بعد مرور وقت طويل، عندما يتعرض الضحية لمشاكل قانونية أو مالية نتيجة الانتحال. كما أن الجناة غالباً ما يستغلون الثغرات في الأنظمة الأمنية والرقمية، مما يزيد من تعقيد عملية الكشف عنهم وتتبعهم.
جريمة انتحال الشخصية لا تتسبب فقط في أضرار مالية وأمنية، بل يمكن أن تؤدي إلى أضرار نفسية واجتماعية جسيمة للضحية. الضحايا قد يعانون من القلق والتوتر نتيجة الخوف من استخدام هويتهم في أعمال غير قانونية أو تشويه سمعتهم. كما يمكن أن تؤثر هذه الجريمة على العلاقات الاجتماعية والمهنية للضحية، حيث قد يتعرض للشك والنبذ من قبل المجتمع أو الزملاء إذا تم استخدام هويته في ارتكاب جرائم أو أفعال مشينة.
يُعد الركن القانوني الأساس الذي تقوم عليه أي جريمة. في النظام السعودي، يتطلب تطبيق العقوبة وجود نص قانوني صريح يجرم انتحال الشخصية. تُستمد هذه النصوص من الأنظمة الجزائية المختلفة، مثل نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية ونظام مكافحة التزوير، والتي تجرم بشكل واضح أي تصرف ينطوي على ادعاء كاذب بهوية أو شخصية أخرى بهدف الإضرار بالغير أو تحقيق منفعة غير مشروعة.
الركن المادي هو العنصر الذي يميز جريمة انتحال الشخصية من خلال الأفعال التي يقوم بها الجاني. ويتألف من:
يتمثل الركن المعنوي في نية الجاني وإدراكه لطبيعة فعله. في جريمة انتحال الشخصية، يتطلب القانون وجود قصد جنائي، بمعنى أن الجاني كان واعيًا بأن ما يقوم به جريمة وأنه تعمد القيام بذلك. يتضمن هذا الركن:
في المملكة العربية السعودية، تُعد جريمة انتحال شخصية موظف من الجرائم الخطيرة التي يعاقب عليها القانون بصرامة. العقوبات المفروضة على مرتكب هذه الجريمة تتضمن ما يلي:
يُعاقب الشخص الذي ينتحل شخصية موظف بالسجن لمدة تصل إلى 3 سنوات، أو بدفع غرامة مالية تصل إلى 2 مليون ريال سعودي، أو بكلا العقوبتين معًا، حسب تقدير القاضي.
تقوم الشرطة بمصادرة كافة الأجهزة والأدوات التي استخدمها الجاني في عملية الانتحال، مثل أجهزة التسجيل أو أي معدات أخرى استُخدمت في تسهيل الجريمة.
في حال قام الجاني بجمع الأموال باستخدام اسم الشخص الذي انتحل شخصيته، تقوم الشرطة بمصادرة تلك الأموال كجزء من العقوبة، لضمان عدم استفادة الجاني من الجريمة. هذه العقوبات تهدف إلى ردع مثل هذه الجرائم وحماية الأفراد والمجتمع من الأضرار الناتجة عنها.
تسعى السلطات السعودية بجهد حثيث لمكافحة جرائم انتحال الشخصية من خلال فرض عقوبات صارمة، وتبسيط إجراءات البلاغات عبر المنصات الإلكترونية. انتحال الشخصية يُعتبر جريمة تحمل عقوبات قانونية صارمة، حيث يُمكن أن تشمل هذه العقوبات السجن والغرامات المالية، تحت طائلة المسائلة القانونية وفقاً للأنظمة والتشريعات المعمول بها في المملكة العربية السعودية. لتقديم شكوى عبر منصة أبشر، اتبع الخطوات التالية:
انتحال الصفة: يتضمن تظاهر الشخص بصفة أو ميزة معينة تخص فئة معينة من الناس، مثل انتحال صفة موظف عام، شرطي، أو ضابط. الهدف من هذا الفعل هو الاستفادة من الامتيازات أو السلطة التي ترتبط بهذه الصفة.
انتحال الشخصية: يعني أن الشخص يدعي بأنه شخص آخر، مستخدماً اسمه وبياناته الشخصية. في هذه الحالة، يتظاهر الشخص بأنه شخص مختلف تمامًا، مما قد يؤدي إلى توريط الضحية الأصلية في مشاكل أو ارتكاب جرائم باسمها. كلتا الجريمتين تشكلان انتهاكاً للقانون، ولكنهما تختلفان في الطريقة والغرض الذي يسعى الجاني لتحقيقه من خلال فعلته.
يمكنك:
شورى هي منصة إلكترونية تعنى بتقديم الاستشارات والخدمات القانونية من خلال ربط نخبة من المحامين المرخصين من وزارة العدل السعودية مع طالبي الخدمات القانونية، وهي منصه مرخصه بموجب سجل تجاري رقم 4650222665
مقالات اخرى
March 21, 2025
محاكم الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعوديةمحاكم الأحوال الشخصية هي محاكم متخصصة تنظر في القضايا المتعلقة بالأسرة والشؤون الشخصية، مثل الزواج، والطلاق، والنفقة، والحضانة، والوصاية، والميراث، وغيرها من المسائل التي تنظمها قوانين الأحوال الشخصية في كل دولة.
قراءة المقال
March 20, 2025
قضية العَضْل في السعودية: حق المرأة في الزواج وإجراءات التقاضيتعد قضايا العضل من القضايا الشرعية والاجتماعية المهمة والمتواجدة في كل مجتمع، ودائماً ما تتمحور حول منع المرأة من الزواج بالكفء الذي ترغب به دون سبب شرعي مقبول. وبلا شك أنه يُعدّ هذا التصرف ظلمًا للمرأة، وقد نهى عنه الإسلام بشكل قاطع.
قراءة المقال
March 16, 2025
ما المقصود بأسانيد الطلبات والتي تظهر في صحيفة الدعوى عبر منصة ناجز؟يشير مصطلح أسانيد الطلبات إلى الأساس القانوني والنظامي التي يستند إليها المدعي في طلباته المقدمة إلى المحكمة. فقد تكون على سبيل المثال لا الحصر : الأدلة الشرعية والقانونية، فيمكن أن تشمل الآيات القرآنية، الأحاديث النبوية، أو القواعد الفقهية إذا كان النزاع ذو طابع شرعي. و في القضايا ذو الطابع النظامي، يتم الاستناد إلى نصوص الأنظمة السعودية ذات العلاقة (مثل نظام المرافعات الشرعية، ونظام التنفيذ، ونظام العمل، وغيرها من الأنظمة).
قراءة المقال