المنازعة التنفيذية

تُعد المنازعات التنفيذية من أبرز الإشكالات العملية التي تواجه القضاء، حيث تنشأ بعد صدور الحكم القضائي وبلوغه درجة القطعية، عند مرحلة التنفيذ. ورغم أن التنفيذ يُعتبر المرحلة النهائية للعملية القضائية، إلا أن هذه المرحلة قد تُثير العديد من النزاعات بين أطراف التنفيذ، سواء بين الدائن والمدين أو بين الغير الذين يتضررون من التنفيذ.

ومن خلال تطبيق شورى، تستطيع استشارة محامي متخصص في قضايا التنفيذ يوضح لك مدى جدوى تقديم منازعة، ويساعدك في إعداد الطلب ومتابعته أمام قاضي التنفيذ حتى صدور القرار.

أولاً: مفهوم المنازعات التنفيذية

المنازعات التنفيذية هي الخلافات القانونية التي تنشأ أثناء أو بمناسبة مباشرة إجراءات التنفيذ الجبري، سواء تعلقت بصحة التنفيذ، أو مشروعيته، أو نطاقه، أو إجراءاته. وتُعرض هذه المنازعات عادة أمام قاضي التنفيذ بوصفه صاحب الولاية العامة في مسائل التنفيذ.

ثانياً: ما هي أنواع المنازعات التنفيذية؟

بعد فهم المفهوم العام، يأتي السؤال عن أنواع هذه المنازعات. يمكن تقسيم المنازعات التنفيذية إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

1. المنازعات التنفيذية (العاجلة):

يقصد بها المنازعات التي تهدف إلى وقف إجراءات التنفيذ أو تعليقها مؤقتًا حتى يُفصل في موضوع النزاع.

مثال: طلب المدين وقف التنفيذ لحين البت في دعوى موضوعية تتعلق بالسند التنفيذي.

2. المنازعات التنفيذية الشكلية:

يقصد بها المنازعات التي تتعلق بإجراءات التنفيذ من الناحية الشكلية، مثل الدفع ببطلان السند لوجود عيوب أو تزوير أو فقد أحد الشروط..

3. المنازعات التنفيذية الموضوعية:

يقصد بها المنازعات التي تستهدف الفصل في أصل الحق المتعلق بالتنفيذ.

مثال: ادعاء الغير ملكية المال المحجوز عليه، أو الطعن في صحة السند التنفيذي.

ثالثاً: ما هي خصائص المنازعات التنفيذية؟

وهنا نجد أن لهذه المنازعات خصائص مميزة تجعلها مختلفة عن غيرها من الدعاوى، ومن أبرزها:

1. الطابع العاجل: لارتباطها بحقوق مالية أو عينية يجب حمايتها بسرعة.
2. ارتباطها بالسند التنفيذي: إذ لا تنشأ إلا بوجود حكم أو سند واجب النفاذ.
3. انعقاد الاختصاص لقاضي التنفيذ: حيث يتمتع بصلاحيات واسعة وفق نظام التنفيذ السعودي.

رابعاً: ما هو نطاق اختصاص قاضي التنفيذ في المنازعات؟

 وفقًا لنظام التنفيذ السعودي (1433هـ وتعديلاته)، لقاضي التنفيذ الفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ. حيث:

• يملك صلاحية إصدار القرارات والأوامر اللازمة.
• تميَّز اختصاصاته بين ما هو ولائي (مثل إصدار أوامر الحجز والمنع من السفر) وما هو قضائي (مثل الفصل في الاعتراضات).

خامساً: أمثلة عملية على حالات رفع منازعة تنفيذ السند لأمر

ولتقريب الصورة بشكل أوضح، نورد فيما يلي أبرز الحالات العملية التي قد تُثار فيها منازعة تنفيذ السند لأمر:

1. اعتراض المدين على الحجز التنفيذي بدعوى أن الدين قد سُدد.
2. دعوى الغير باستحقاق الأموال المحجوزة.
3. الدفع ببطلان إجراءات التنفيذ لعيب شكلي (مثل عدم إعلان المدين إعلانًا صحيحًا).
4. منازعة المدين في مقدار الدين أو طبيعته (مدني/تجاري).
5. المنازعة في تنفيذ محضر صلح لم تُطبَّق شروطه: حيث يمكن للمدين الدفع بأن شروط الصلح لم تُنفَّذ كما اتفق عليه، وبالتالي الطعن في التنفيذ بناءً عليه.

كيفية تقديم طلب فتح المنازعة التنفيذية؟

• يتم التقديم إلكترونيًا عبر بوابة ناجز (باقة خدمات التنفيذ/تقديم طلب تنفيذ). ثم إتباع بقية الخطوات.
• يجب إرفاق المستندات المؤيدة مثل: السند التنفيذي، ما يثبت الوفاء، المستندات المتعلقة بالملكية أو أي دفوع شكلية أو موضوعية.

إجراءات سير طلب المنازعة

• يتم تقديم الطلب إلكترونيًا.
• بعدها يتم قيد المنازعة التنفيذية وإحالتها إلى قاضي التنفيذ.
• قاضي التنفيذ يصدر قرارًا أوليًا: إما بوقف التنفيذ مؤقتًا (إذا كانت هناك أسباب جدية)، أو الاستمرار فيه لحين الفصل.
• تعقد جلسات لنظر النزاع وسماع دفوع الطرفين.

سادساً: الأثر القانوني للمنازعات التنفيذية (قرار قاضي النفيذ)

• قد يترتب على رفع المنازعة التنفيذية وقف مؤقت لإجراءات التنفيذ، إذا أمر القاضي بذلك.
• إذا قُبلت المنازعة موضوعًا، قد تؤدي إلى إلغاء التنفيذ كليًا أو جزئيًا.
• أما إذا رُفضت، فإن التنفيذ يستمر بكامل آثاره.

هل يمكن الإستئناف على حكم المنازعة التنفيذية؟

وهنا يثور التساؤل الهام: هل يمكن الاستئناف على الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ؟

نعم، يمكن الاستئناف على الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ ودعوى الإعسار أمام محكمة الاستئناف، ويُعد الحكم الصادر منها نهائيًا غير قابل للطعن بطرق أخرى. أما قرارات قاضي التنفيذ الإجرائية، فهي نهائية وواجبة النفاذ ولا تقبل الاستئناف بشكل مستقل.

 المنازعات التنفيذية في الفقه والقضاء

وبالانتقال إلى الإطار الفقهي والقضائي، أرسى الفقه الإسلامي قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» لحماية حقوق الغير المتضرر من التنفيذ، وجاء القضاء السعودي ليوازن بين حق الدائن في استيفاء دينه وحقوق المدين والغير. وقد نظم نظام التنفيذ السعودي – في المواد (34) و(46) وما بعدها – آليات واضحة وصارمة للحد من المنازعات وضمان سرعة إجراءات التنفيذ، ومن أبرزها:

• إلزام المدين بالوفاء خلال 5 أيام من التبليغ.
• فرض عقوبات عند المماطلة أو الإخفاء.
• منح قاضي التنفيذ سلطة تقديرية واسعة.

 دور محامي التنفيذ من شورى في المنازعات التنفيذية

إعداد منازعة التنفيذ يتطلب أكثر من مجرد تقديم طلب، بل يحتاج إلى  حجج قانونية واضحة وأدلة موثقة. تطبيق شورى يتيح لك استشارة محامي تنفيذ يساعدك بخبرته في:

• صياغة طلب المنازعة وإرفاق المستندات الداعمة.
• متابعة الطلب أمام قاضي التنفيذ خطوة بخطوة.
• رفع الاستئناف عند الحاجة وفق المدد النظامية.

ختاماً

وفي النهاية، فإن المنازعات التنفيذية تُجسّد التوازن بين مصلحة الدائن في استيفاء حقه، ومصلحة المدين في حماية أمواله من التعسف، ومصلحة الغير في صون حقوقهم. ويُظهر نظام التنفيذ السعودي تطورًا كبيرًا في تنظيم هذه المنازعات، بما يحقق السرعة والعدالة معًا. ومع ذلك، يبقى التطبيق القضائي هو المحك الحقيقي لضمان فاعلية النظام ونجاحه في الحد من هذه المنازعات.