منصة تراضي: كيف تٌسهم في تسوية النزاعات والمصالحة قبل رفع الدعوى؟

مع التحوّل الرقمي الذي تشهده المملكة في مختلف القطاعات، بات لا غنى عن تبنّي حلول تقنية لتعزيز الوصول إلى العدالة وتسهيل الإجراءات، وتقليل الأعباء على الأفراد والهيئات القضائية. في هذا السياق، أطلقت وزارة العدل منصة تراضي كأحد أدوات تسوية النزاعات وبدائل التقاضي باستخدام الوسائل الإلكترونية، لضمان الحل السلس والودي للنزاعات بين الأطراف.

ما هي منصة تراضي؟

 منصة تراضي هي منصة إلكترونية تابعة لمركز المصالحة في وزارة العدل، تهدف إلى تمكين أطراف النزاع سواء كانوا أشخاصًا أو جهات ومصلحين معتمدين من الالتقاء عن حضورياً بُعد، لممارسة عملية المصالحة (الوساطة الودية) والتوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف دون الحاجة للجوء إلى القضاء.

تُعَدّ المنصة جزءًا من مبادرات وزارة العدل لتطوير منظومة العدالة البديلة، وتُنفذ عملية المصالحة عبر إجراءات مؤتمتة بدءًا من تقديم الطلب إلى إصدار وثيقة الصلح أو تقرير تعذّر الصلح. 

الأهداف والرؤية 

من أهم الأهداف والرؤية لمنصة تراضي:

• نشر ثقافة الصلح في المجتمع ليصبح الحل الودي خيارًا مفضَّلًا اجتماعيًا واقتصاديًا. 
• تقليل اللجوء إلى القضاء في النزاعات الصغيرة أو المتوسطة التي يمكن تسويتها وديًا.
• حفظ الوقت والجهد على أطراف النزاع من خلال تقديم الخدمات إلكترونيًا دون الحاجة للحضور المادي.
• توثيق الإجراءات بطريقة نظامية، وضمان أن الصلح أو محضر الصلح يكون معترفًا به قانونيًا. 
• تحسين كفاءة مراكز المصالحة من حيث إدارة الطلبات، وتتبعها، وجدولة الجلسات وغيرها.

كيف يمكن تقديم طلب صٌلح عبر المنصة 

إليك الخطوات الأساسية لتقديم طلب صلح عبر منصة تراضي:

1. الدخول إلى منصة تراضي (عبر الموقع الرسمي أو عبر منصة ناجز) 
2. اختيار خدمة “طلب صلح جديد” 
3. تحديد نوع النزاع (المسار القانوني المناسب) وتعبئة البيانات المطلوبة مثل بيانات الأطراف والممثل القانوني لكل طرف.
4. التأكد من صحة البيانات المدخلة والموافقة على الشروط والأحكام، ثم الضغط على "إرسال الطلب"
5. استلام رسالة تأكيد بالطلب.

بعد ذلك يتم:

1. تحديد موعد جلسة الصلح (يمكن أن تكون حضورية أو افتراضية) 
2. إجراء الجلسة، والاستماع إلى الأطراف، ومناقشة حلول الخلافات 
3. التوصل إلى اتفاق وكتابة محضر الصلح، أو في حال تعذر الصلح إصدار تقرير بتعذر الصلح 
4. اعتماد الوثيقة من مركز المصالحة، والمصادقة عليها من الأطراف عبر النفاذ الوطني 
5. إصدار وثيقة الصلح النهائية (أو تقرير التعذر) التي تُعد ملزمة قانونيًا. 

كما تتيح المنصة خدمات أخرى مثل استعلام عن حالة الطلب، واستعلام عن وثيقة الصلح الصادرة. وغيرها من الخدمات.

كم جلسة صلح في منصة تراضي عادة؟

عادةً تكون جلسة واحدة أو جلستين، بحد أقصى ثلاث جلسات.

هل يحق لي رفض طلب الصٌلح؟

نعم بإمكانك رفض الطلب، وفي هذه الحالة يٌحال الطلب للمحكمة المختصة للنظر فيه واستكمال الإجراءات.

المسارات التي تغطيها المنصة

 منصة تراضي لا تقتصر على النزاعات التجارية بين الأفراد أو الجهات ، بل تغطي عدة مسارات، منها:

• النزاعات الأسرية (مثل قضايا النفقة، الحضانة، وغيرها) 
• النزاعات المالية التي تكون ضمن الحدود التي يمكن للمصالحة التعامل معها 
• النزاعات العقارية والإيجارية 
• النزاعات العمالية

ومع ذلك، ليس كل نزاع يُقبل في المنصة؛ إذ هناك ضوابط وشروط تحدد ما إذا كان النزاع قابلًا للمصالحة عبر تراضي أم لا، حسب التشريعات المعمول بها والاختصاص القانوني.

النزاعات التجارية ومنصة تراضي

ينبغي العلم أنه قبل رفع بعض الدعاوى التجارية، يُحال الطلب تلقائيًا إلى منصة تراضي. حيث تهدف هذه الخطوة إلى محاولة تسوية النزاع قبل قيده قضائيًا، وذلك وفقًا للمادة (20) من اللائحة التنفيذية لنظام المحاكم التجارية.

ما بعد جلسة الصلح أو تعذّره

بعد انتهاء جلسة الصلح عبر منصة تراضي، يترتب على النتيجة أحد مسارين رئيسيين:

1. في حال تم الصلح:

يُعتمد محضر الصلح إلكترونيًا من مركز المصالحة، ويُعد وثيقة رسمية لها قوة السند التنفيذي، أي يمكن تنفيذها مباشرة دون الحاجة لرفع دعوى قضائية جديدة أمام المحكمة.

2. في حال تعذّر الصلح:

يصدر المركز تقريرًا بتعذر الصلح، ويُحال النزاع بعد ذلك إلى المحكمة المختصة (مثل المحكمة التجارية أو غيرها بحسب نوع النزاع) للنظر فيه وفق الإجراءات النظامية المعتادة.

مزايا الصٌلح والتسوية عبر منصة تراضي

 المنصة تقدّم مزايا عدة تهم الأطراف والراغبين في تسوية النزاعات:

• سهولة الوصول والمرونة: يمكن تقديم الطلب من أي مكان ومن أي وقت إلكترونياً، دون الحاجة للذهاب إلى أي مكان.
• الجلسة تتم افتراضياً عبر تقنية الفيديو .
• توثيق رقمي رسمي: حيث أن كل الإجراءات موثقة إلكترونيًا.
• اعتماد قانوني: محضر الصلح الصادر عبر المنصة يُعتبر وثيقة رسمية ويُعد سنداً تنفيذياً. 
• توفّر الاستعلام والمتابعة: الأطراف يمكنهم متابعة حالة الطلب والاطلاع على الوثائق من خلال خدمات الاستعلام. 
• تخفيف العبء على المحاكم: بتسوية النزاعات البسيطة بطريقة وديّة، يُخفّف الضغط على المحاكم والإجراءات القضائية الطويلة.
• تقليل الزمن والتكلفة: المصالحة عبر تراضي أسرع وأقل كلفة من المنازعات القضائية التقليدية.

ولكن رغم ذلك، فالمصالحة تعتمد على قبول جميع الأطراف، فإذا لم يرغب أحد منهم في التعاون قد تتعذّر التسوية.

كيف يساعدك محامي شورى في جلسة الصلح عبر منصة تراضي؟

من خلال تطبيق شورى، يمكنك توكيل محامي لحضور جلسة المصالحة وتمثيلك أمام المصلح، سواء كنت مدعي أو مدعى عليه.

المحامي يراجع تفاصيل الاتفاق ويتأكد من تناسبه معك، ويتابع تنفيذ وثيقة الصلح كسند تنفيذي عند اعتمادها إلكترونيًا.

وفي حال تعذر الصلح، يقوم بإرشادك حول الخطوة التالية ما بعد إحالة الدعوى للمحكمة المختصة (كالمحكمة التجارية) ومتابعتها سيرها حتى صدور الحكم.

 ختاماً

منصة تراضي تمثل خطوة مهمة في التحول العدلي بالمملكة، نحو حلول وديّة ونظامية تلائم العصر الرقمي. ومع أن لها تحديات يجب التغلب عليها، فإن إمكاناتها كبيرة خصوصًا لدى دعم التوعية القانونية والتحديث المستمر للبنية التقنية