تم نشره في September 26, 2024
إن تصدي المملكة العربية السعودية لجريمة التحرش جاء من منطلق الحفاظ على كرامة الإنسان وحقوقه، وتوفير بيئة مجتمعية قائمة على الاحترام والمساواة. حيث يتيح نظام مكافحة جريمة التحرش حماية فعالة للضحايا، ويوفر لهم الدعم القانوني والنفسي لضمان عدم تعرضهم لأي أذى نفسي أو اجتماعي ولضمان السرية والخصوصية بقضاياهم. عبر هذا النظام، ترسل الدولة رسالة واضحة أن التحرش جريمة لا تسامح فيها، وأن حقوق الضحايا مصانة بقوة القانون.
وفقًا لنظام مكافحة جريمة التحرش الصادر بالمرسوم الملكي، يُعرَّف التحرش بأنه: "كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي تصدر من شخص تجاه آخر، تمس جسده أو عرضه أو تخدش حياءه بأي وسيلة كانت، بما في ذلك الوسائل التقنية الحديثة". يشمل هذا التعريف كل أشكال التحرش التي قد يتعرض لها الأفراد في المجتمع، سواء كان ذلك في الأماكن العامة أو الخاصة، وحتى في أماكن العمل.
تنقسم جريمة التحرش إلى عدة أنواع، ويمكن توضيحها كالآتي:
يتضمن هذا النوع استخدام كلمات أو عبارات غير لائقة تجاه شخص ما، مثل الشتائم أو الإهانات أو التعليقات او المزاح ذات الطابع الجنسي. وعلى سبيل المثال، توجيه ألفاظ مسيئة لشخص في مكان العمل حول مظهره أو جنسه يعتبر تحرشًا لفظيًا، ويُعاقب عليه وفقًا للنظام السعودي.
يشمل التحرش الجسدي أي نوع من اللمس غير المرغوب فيه أو الاعتداء الجسدي على الشخص. مثل محاولة لمس الضحية بطريقة غير لائقة أو التعدي عليه بالضرب. في هذه الحالة، يعد هذا الفعل جريمة تحرش جسدي تستوجب العقوبة وفقًا للقوانين السعودية.
يحدث هذا النوع من التحرش باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، مثل الإنترنت أو الهواتف الذكية. على سبيل المثال، إرسال رسائل إلكترونية مسيئة أو استخدام الصور الخاصة للابتزاز أو التشهير يعتبر تحرشًا إلكترونيًا. يمكن أن يتضمن أيضًا نشر معلومات كاذبة عن الضحية، وهو ما يعاقب عليه القانون السعودي.
يتعلق هذا النوع بقيام الجاني بأفعال أو تصرفات ذات طابع جنسي غير مرغوب فيها تجاه الضحية. على سبيل المثال، محاولة إجبار شخص على القيام بأفعال جنسية أو توجيه إشارات أو اقتراحات غير مقبولة تُعتبر تحرشًا جنسيًا، ويعاقب عليها النظام السعودي بشدة.
سلوكيات غير لائقة في بيئة العمل، مثل التلميحات الجنسية أو الضغوطات للقيام بأفعال غير مرغوب فيها.
التعليقات أو التصرفات المسيئة التي تحدث في الأماكن العامة، مما يجعل الضحية تشعر بعدم الأمان.
استخدام التهديدات أو الإيحاءات التي تؤثر على نفسية الضحية وتخلق جوًا من الخوف.
أدرك المشرع السعودي خطورة التحرش وتأثيره السلبي على المجتمع، لذلك فرض عقوبات صارمة بحق المتحرشين. تنص (المادة السادسة) من النظام على أن مرتكب جريمة التحرش يعاقب بالسجن مدة تصل إلى سنتين أو بغرامة مالية تصل إلى مائة ألف ريال سعودي، أو بكلتا العقوبتين. وفي حالات معينة، كأن يكون التحرش قد وقع على طفل أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو في حال تكرار الجريمة، فإن العقوبة قد تكون أشد.
أوضحت (المادة السابعة) من نظام مكافحة جريمة التحرش في المملكة أنه يُعاقب كل من شرع في جريمة التحرش بما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها. أما كل من حرض غيره أو اتفق معه أو ساعده بأي صورة كانت على ارتكاب جريمة التحرش في المملكة فإنه يُعاقب بالعقوبة المقررة للجريمة السابق ذكرها. ويُعاقب كل شخص يقوم بتقديم بلاغ كيدي عن جريمة التحرش أو ادعى كيدياً بتعرضه لها بالعقوبة المقررة للجريمة
في إطار السعي لحماية حقوق الضحايا وضمان سلامتهم النفسية والجسدية، وضعت المملكة مجموعة من الضمانات القانونية للضحايا، تشمل:
الضحايا في المملكة يتمتعون بحق تقديم الشكوى ضد المتحرشين سواء لدى الشرطة أو عبر الجهات القضائية. هذا الحق مكفول للجميع، بغض النظر عن جنس الضحية أو مكان وقوع الحادثة، ويتم التعامل مع الشكوى بسرية تامة لتجنب الإضرار بالضحية.
ينص النظام على ضرورة توفير الحماية الكاملة للضحايا، حيث تُحاط هويتهم وتفاصيل القضية بالسرية التامة. تسعى السلطات المعنية لمنع تعرض الضحية لأي نوع من التشهير أو الانتقام. حيث ينص النظام أن الجهات المختصة ملزمة باتخاذ التدابير التي تكفل حماية الضحية من أي ضرر قد تتعرض له بسبب الجريمة.
تتيح القوانين السعودية للضحايا إمكانية المطالبة بالتعويض المادي والمعنوي عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة التحرش. يشمل التعويض عن الأذى النفسي والاجتماعي الذي قد تتعرض له الضحية نتيجة الجريمة.
النظام السعودي يحمي الضحية من أي شكل من أشكال الانتقام أو العقاب بسبب تقديمها الشكوى. يُعتبر الانتقام من الضحية أو المبلغ جريمة مستقلة يعاقب عليها القانون بشدة، وهو ما يضمن عدم تعرض الضحية لضغوطات أو تهديدات بسبب سعيها لتحقيق العدالة.
تقدم الجهات المختصة مثل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بالتعاون مع هيئة حقوق الإنسان، برامج دعم نفسي واجتماعي للضحايا، وذلك لمساعدتهم على التعامل مع الآثار النفسية والاجتماعية للجريمة. هذا الدعم يهدف إلى تمكين الضحايا من استعادة حياتهم الطبيعية وتجاوز الأزمة.
من بين أهم الحقوق التي يكفلها النظام للضحايا هو الحق في محاكمة عادلة للجاني. تتحمل الجهات القضائية مسؤولية تحقيق العدالة عبر محاكمة المتحرش وفق الإجراءات القانونية المتبعة، ويُسمح للضحية بالمشاركة في المحاكمة والإدلاء بشهادتها.
يحق للضحايا الحصول على الدعم القانوني خلال مراحل التحقيق والمحاكمة. هذا يشمل تقديم المساعدة القانونية من محامين متخصصين أو مستشارين قانونيين لتوجيه الضحية خلال إجراءات التقاضي، وضمان حقوقها في جميع مراحل القضية. توفر بعض الجهات الحكومية، مثل هيئة حقوق الإنسان، برامج لدعم الضحايا في هذا المجال.
لا تسقط تهمة التحرش في السعودية حتى لو قامت الضحية بالتنازل عنها، فقد صنفها القانون من ضمن قضايا الجنايات التي تتضمن الحق العام إلى جانب الحق الخاص. وقد تتم معاقبة المتحرش حتى بعد تنازل الضحية عن البلاغ بعد وصوله للنيابة العامة.
تُثبت قضية التحرش من خلال تقديم الأدلة المتاحة لدى المُشتكي، مثل تسجيلات كاميرات المراقبة، أو شهادات الشهود الذين كانوا حاضرين أثناء وقوع الجريمة، أو من خلال اعتراف الجاني، وغيرها من الوسائل التي تدعم الواقعة.
شورى هي منصة إلكترونية تعنى بتقديم الاستشارات والخدمات القانونية من خلال ربط نخبة من المحامين المرخصين من وزارة العدل السعودية مع طالبي الخدمات القانونية، وهي منصه مرخصه بموجب سجل تجاري رقم 4650222665
مقالات اخرى
March 21, 2025
محاكم الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعوديةمحاكم الأحوال الشخصية هي محاكم متخصصة تنظر في القضايا المتعلقة بالأسرة والشؤون الشخصية، مثل الزواج، والطلاق، والنفقة، والحضانة، والوصاية، والميراث، وغيرها من المسائل التي تنظمها قوانين الأحوال الشخصية في كل دولة.
قراءة المقال
March 20, 2025
قضية العَضْل في السعودية: حق المرأة في الزواج وإجراءات التقاضيتعد قضايا العضل من القضايا الشرعية والاجتماعية المهمة والمتواجدة في كل مجتمع، ودائماً ما تتمحور حول منع المرأة من الزواج بالكفء الذي ترغب به دون سبب شرعي مقبول. وبلا شك أنه يُعدّ هذا التصرف ظلمًا للمرأة، وقد نهى عنه الإسلام بشكل قاطع.
قراءة المقال
March 16, 2025
ما المقصود بأسانيد الطلبات والتي تظهر في صحيفة الدعوى عبر منصة ناجز؟يشير مصطلح أسانيد الطلبات إلى الأساس القانوني والنظامي التي يستند إليها المدعي في طلباته المقدمة إلى المحكمة. فقد تكون على سبيل المثال لا الحصر : الأدلة الشرعية والقانونية، فيمكن أن تشمل الآيات القرآنية، الأحاديث النبوية، أو القواعد الفقهية إذا كان النزاع ذو طابع شرعي. و في القضايا ذو الطابع النظامي، يتم الاستناد إلى نصوص الأنظمة السعودية ذات العلاقة (مثل نظام المرافعات الشرعية، ونظام التنفيذ، ونظام العمل، وغيرها من الأنظمة).
قراءة المقال